الجوري المراقب العام
عدد المساهمات : 24 تاريخ التسجيل : 08/09/2010
| موضوع: الست من شوال الأحد سبتمبر 19, 2010 1:33 am | |
|
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِي - رضي الله عنه -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)(1).وخص شوال لأنه زمن يستدعي الرغبة فيه إلى الطعام لوقوعهعقب الصوم فالصوم حينئذ أشق فثوابه أكثر.وفي حديث ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدِالْفِطْرِ فَذَلِكَ تَمَامُ صِيَامِ السَّنَةِ ) . يعني رمضان وستة أيام بعده(2).قال الإمام النووي - رحمه الله -: قال العلماء: وإنما كان كصيامالدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر،والستة بشهرين.وقال الإمام أحمد: ليس في أحاديث الباب أصح منه.و في صيام الست من شوال فضائل1 ـ إن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بهاأجر صيام الدهر كله.2 ـ إن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاةالمفروضة وبعدها، فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خللونقص، فإن الفرائض تكمل بالنوافل يوم القيامة.. وأكثر الناسفي صيامه للفرض نقص وخلل، فيحتاج إلى ما يجبره منالأعمال.3 ـ إن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صومرمضان، فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالحبعده، كما قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عملحسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان ذلك علامة على قبولالحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كانذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها.4 ـ إن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب،كما سبق ذكره.5 ـ أن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر،وهو يوم الجوائز فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكراً لهذهالنعمة، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب، كان النبي يقوم حتىتتورّم قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم منذنبك وما تأخّر؟! فيقول: (أفلا أكون عبداً شكورا). وقد أمر الله - سبحانه وتعالى - عباده بشكر نعمة صيام رمضانبإظهار ذكره، وغير ذلك من أنواع شكره، فقال: "وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"[البقرة:185] فمن جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيامرمضان، وإعانته عليه، ومغفرة ذنوبه أن يصوم له شكراً عقيب ذلك.وكان بعض السلف إذا وفق لقيام ليلة من الليالي أصبح فينهارها صائماً، ويجعل صيامه شكراً للتوفيق للقيام.وكان وهيب بن الورد يسأل عن ثواب شيء من الأعمالكالطواف ونحوه، فيقول: لا تسألوا عن ثوابه، ولكن سلوا ماالذي على من وفق لهذا العمل من الشكر، للتوفيق والإعانةعليه.كل نعمة على العبد من الله في دين أو دنيا يحتاج إلى شكرعليها، ثم التوفيق للشكر عليها نعمة أخرى تحتاج إلى شكرثان، ثم التوفيق للشكر الثاني نعمة أخرى يحتاج إلى شكر آخر،وهكذا أبداً فلا يقدر العباد على القيام بشكر النعم. وحقيقةالشكر الاعتراف بالعجز عن الشكر.حكم صيام الست من شوالصيام الست من شوال مستحب، وهو قول الشافعي وأحمدوإسحاق، وهو المروي عن ابن عباس، وكعب الأحبار،وهو قول طاوس والشعبي وميمون بن مهران وابن المبارك.واستدلوا بالأحاديث المتقدمة في فضلها مما رواه مسلم وغيره.وقد كرهها قوم منهم: مالك وأبو حنيفة معللين ذلك بالخوف مناعتقاد فرضيتها لدى العامة، ومن قل علمه، وبأن فيها مشابهةلأهل الكتاب من حيث الزيادة على شهر الصوم المفروض.ولا وجه لهذا فقد ثبتت السنة بصوم الست من شوال في مسلموغيره ولو تركنا السنة خوف الزيادة على الفرض في الصوملتركنا جميع المندوب من صوم عاشوراء وأيام البيض وغيرذلك، وقد قيل إن مالكاً كان يصومهما في خاصة نفسه، وقد كانالمتأخرون من الأحناف لا يرون بصيامها بأساً.قال ابن عبدالبر: لم يبلغ مالكاً حديث أبي أيوب على أنه حديثمدني والإحاطة بعلم الخاصة لا سبيل إليه، والذي كرهه مالكقد بينه وأوضحه خشية أن يضاف إلى فرض رمضان، وأنيسبق ذلك إلى العامة، وكان متحفظاً كثير الاحتياط للدين، وأماصوم الستة الأيام على طلب الفضل وعلى التأويل الذي جاء بهثوبان فإن مالكاً لا يكره ذلك إن شاء الله، لأن الصوم جنةوفضله معلوم، يدع طعامه وشرابه لله، وهو عمل بر وخير،وقد قال تعالى "وافعلوا الخير لعلكم تفلحون"، ومالك لا يجهلشيئا من هذا. صفة صومها(1) من العلماء من استحب صومها من أو ل الشهر متتابعة،وهو مذهب الشافعي، وقول ابن المبارك.(2) ومنهم من لم يفرق بين التتابع والتفريق من الشهر كله،وقال هما سواء، وهو مذهب الإمام أحمد، وقول وكيع.(3) أنها لا تصام عقب الفطر مباشرة؛ لأنها أيام توسعة وأكلوشرب، وإنما يصام ثلاثة قبل أيام البيض وأيام البيضأو بعدها، وإليه ذهب معمر وعبد الرزاق.والأمر في ذلك واسع إن شاء الله ولا تثريب على من فعل أيّاً من الأقوال الثلاثة.صيام الست لمن عليه قضاءفي صحيح مسلم عن أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِي - رضي الله عنه -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ )وظاهره أنه لا يصوم الست من شوال ولا يحصل على فضيلتهاوذمته مشغولة بأيام من رمضان أفطرها فلا يستحق هذاالوصف ويتحصل على الأجر إلا من أكمل رمضان،والذي عليه قضاء لا يكون مكملاً لرمضان.أن فضيلة صيام الست من شوال حاصلة لمن أفطر رمضانبعذر قالوا:- إن صيام الست لها خصوصية وقضاء رمضان موسع فيه،ولا يجب أداؤه في شوال خاصة "فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ "والرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي قال( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ.......... ) وهو يعلم أن ذمم كثير من الناس قد تكون مشغولة بالقضاء،ومع ذلك لم يشترط في الحديث بأن يقضي أولاً ما عليه.وعلى هذا فمن كانت ذمته مشغولة بقضاء أيام أفطرها بعذر من رمضان يتسع لها شوال مع صيام الست؛ فهذا يستعين الله،ويشمر لأمر ربه، ويقضي ما عليه، ثم يصوم الست، إبراءًلذمته وتحصيلاً للأجر.ومن كانت ذمته مشغولة بقضاء أيام أفطرها لعذر، ولا يتسعشوال لصيامها مع الست، فهذا ممن حبسه العذر، فيصومالست أولاً تحصيلاً لفضلها، ثم يقضي؛ فإنه لم يفطر رمضانإلا لعذر، والأدلة كثيرة على تحصيل المعذور للأجر الكاملطالما حبسه عذر كما في الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ:( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلاَّ كَانُوامَعَكُمْ ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ:( وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ ).صيام الست في غير شوالصيام الست لها اختصاص بشوال من طريقين:أحدهما: أن المراد به الرفق بالمكلف؛ لأنه حديث عهد بالصومفيكون أسهل عليه، ففي ذكر شوال تنبيه على أن صومها فيغيره أفضل، هذا الذي حكاه القرافي من المالكية وهو غريبعجيب.الثاني: أن المقصود به المبادرة بالعمل وانتهاز الفرصة خشيةالفوات، قال تعالى: " فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ "[البقرة:148]،وقال: "وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُوَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"[آل عمران:133]وهذا تعليل طائفة من الشافعية وغيرهم. قالوا: ولا يلزم أنيعطى هذا الفضل لمن صامها في غيره لفوات مصلحة المبادرةوالمسارعة المحبوبة لله.قالوا: وظاهر الحديث مع هذا القول.ومن ساعده الظاهر فقولهأولى.ولا ريب أنه لا يمكن إلغاء خصوصية شوال وإلا لم يكنلذكره فائدة.وقال آخرون: لما كان صوم رمضان لا بد أن يقع فيه نوعتقصير وتفريط وهضم من حقه وواجبه ندب إلى صوم ستةأيام من شوال جابرة له ومسددة لخلل ما عساه أن يقع فيه؛فجرت هذه الأيام مجرى سنن الصلوات التي يتنفل بها بعدهاجابرة ومكملة وعلى هذا تظهر فائدة اختصاصها بشوال والله أعلم(3).تنبيهات- اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية عيداً، كثامن شوال الذييسميه بعض العامة ( عيد الأبرار ) هو من البدع الباطلةالمنكرة التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها، فإن أعيادالمسلمين اثنان لا ثالث لهما.بعض الناس انه إذا صام الست من شوال في السنة يظن أنهيجب عليه الصيام في كل سنة، وهذا غير صحيح فالأمربالخيار وفي الأثر( الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ )(4).هناك أحاديث شوالية مشتهرة لا تصح منها:"من صام رمضان وشوالا والأربعاء والخميس دخل الجنة".رواه أحمد وفيه من لم يسم .- "من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه". رواه الطبراني في الأوسط وفيه مسلمة بن علي الخشنيوهو ضعيف." يكون في رمضان صوت وفي شوال معمعة وفي ذي القعدةتتحارب القبائل وفي ذي الحجة يلتهب الحاج وفي المحرمينادي مناد من السماء: ألا إن صفوة الله تعالى من خلقه فلانفاسمعوا له وأطيعوا".رواه أبو نعيم - عن شهر بن حوشب مرسلاً انظر المنارالمنيف و كتاب واللآلئ المصنوعة للسيوطي.اللهم تقبل منا صومنا وقيامنا إنك أنت السميع العليم،اللهم اغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم اهدنا إلى سواءالسبيل، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذابالنار، اللهم احشرنا مع الذين أنعمت عليهم من النبيينوالصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، اللهممتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، في غير ضراء مضرة ولا فتنةمضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين،اللهم وفقنا لصيام رمضان وقيامه اللهم ارزقنا فيه الخير.(1)- رواه مسلم ج2/ص822/ح1164.و الترمذي ج3/ص133/ح759. و ابن ماجه ج1/ص547/ح1715،و أبو داود ج2/ص324/ح2433(2)- أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ج3/ص298/ح2115 و النسائي في سننه الكبرى ج2/ص163/ح2860، ج2/ص163/ح2861.و البيهقي في سننه الكبرى ج4/ص293/ح8216. و الدارمي في سننه ج2/ص35/ح1755.وصححه الألباني.(3)- حاشية ابن القيم على سنن أبي داود.(4)- أحمد والترمذي والحاكم عن أم هانئ.
|
|
| |
|